الحكومة تُهدي الأبناك 5.2 مليار سنتيم تُقتَطَعُ من الدعم الاجتماعي المباشر للأسر الأكثر هشاشة
قدّمت الحكومة المغربية للوكالات البنكية الوطنية، هدية مجانية عبر بوابة ورش الدعم الاجتماعي المباشر، بعدما عمدت هذه الأخيرة إلى تطبيق اقتطاعات مهمة من قيمة صرف الدفعة الأولى لهذا الدعم عبر حساباتهم المفتوحة بها، ما أغضب عشرات من المواطنين موضوع الاستفادة، تراوحت ما بين 5 و15 درهما، الأمر الذي يُسائل مدى انخراط أبناك المملكة في هذا الورش الملكي بوصفه من ركائز الدولة الاجتماعية.
وتتواصل منذ 28 دجنبر الماضي في مختلف ربوع المملكة، عملية تقديم الدفعة الأولى من الدعم الاجتماعي المباشر للأسر في وضعية هشاشة وتستهدف حوالي مليون أسرة أي ما يُقارب 3,5 مليون مغربي، استوفى شرط العتبة في السجل الاجتماعي الموحد، حيث توصل المعنيون برسالة نصية تفيد باستفادتهم من قيمة الدعم المخصص لهم، بهدف الحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة أو تلك المرتبطة بالشيخوخة، وكذا دعم القدرة الشرائية، لكنهم فوجئوا عند عملية سحب هذا الدعم باقتطاعات بنكية لم تكن في البال أو الحسبان أشعلت غضب العشرات منهم، ممن اعتبروها "احتيالا" وتطاولا على "حق" أقره العاهل المغربي الملك محمد السادس في إطار تنزيل ورش الدولة الاجتماعية.
وحسابيا، إذا افترضنا قيام الوكالة البنكية باقتطاع الحد الأدنى أي 5 دراهم فقط، في حق 3,5 مليون مغربي في وضعية هشاشة موضوع الدفعة الأولى من عملية الدعم الاجتماعي، فسنكون أمام مُعطى رقمي هو 17,5 مليون درهم استخلصتها هذه الأبناك على الأقل من هذه العملية، أما في حال ارتفع الرقم إلى 15 درهما اقتطعت ممن يحق لهم الاستفادة من أكثر من 1000 درهم كدعم، فسنكون أمام 52,5 مليون درهم (5.2 مليار سنتيم) على الأقل، أما في حالة تجاوز الاقتطاع هذا الرقم فمن المؤكد أننا سنكون أمام اقتطاعات ضخمة تتجاوز هذا الرقم بشكل كبير.
وحاولت "الصحيفة" التواصل مع بنك المغرب للحصول على معلومات حول انخراط المؤسسات البنكية الوطنية في ورش دعم الحماية الاجتماعية، وتحقق التعاون بين البنوك والحكومة لتحسين آليات الدعم الاجتماعي وتنزيل ورش الدولة الاجتماعية الذي أقره عاهل البلاد الملك محمد السادس، وتوضيح حقيقة وجود اقتطاعات من الدعم الذي تلقاه المواطنون في الدفعة الأولى تتراوح ما بين 5 و10 دراهم والسند القانوني له، بيد أن مسؤولي التواصل بالمؤسسة المالية شدّدوا على ضرورة المراسلة الكتابية وهو الإجراء الذي فعّلته "الصحيفة" من منطلق أحقيتها في الحصول على المعلومة.
وإلى حين الحصول على المعلومات الأكيدة من بنك المغرب من المهم الإشارة إلى أن هذه الاقتطاعات وصلت تداعياتها إلى البرلمان، حيث وجّه إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، سؤالا كتابيا إلى وزيرة الاقتصاد والمالية، حول الإشكاليات التي واجهت الأسر في الحصول على الدعم الاجتماعي المباشر، مشددا على ضرورة تجاوز المشاكل والصعوبات التي واجهتها الفئة المستفيدة ولاسيما ما يتعلق بإتمام التسجيل وتحميل المعطيات ومعالجة الشكايات.
وسجل السنتيسي أن الاقتطاعات المالية من قيمة الدعم المباشر للأسر في دفعته الأولى، أثارت غضب هذه الأسر، مبرزا أن هناك وكالات بنكية ووكالات لتحويل الأموال اقتطعت عمولات وصلت إلى 15 درها في بعض المناطق، مما يعني بأن المستفيدين توصلوا بمبلغ أقل مما أعلنت عنه الحكومة، مؤكدا أن الحكومة لم تخبر الأسر باقتطاع هذه العمولات، متسائلا عن سند القانوني هذه الاقتطاعات.
وتعرف عملية الدعم المباشرة في نسختها الأولى، إقبالا لافتا من قبل الأسر المعنية بمختلف العمالات والأقاليم، كما خصصت لها مجموعة من التدابير التقنية والإدارية واللوجستية على المستويين المركزي والمحلي، بانخرط مختلف القطاعات المعنية بتنزيل هذا المشروع الملكي بوصفه من ركائز الدولة الاجتماعية.
ويعتبر نظام الدعم الاجتماعي المباشر، الذي يأتي تجسيدا للتوجيهات الملكية الواردة في الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس أمام البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، برنامجا يهدف إلى تحسين الوضع المعيشي للأسر التي لديها أطفال في سن التمدرس أو تلك التي توجد في وضعية هشاشة، والتي لا تستفيد حاليا من أي تعويضات عائلية وفق النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، وذلك بهدف دعم قدرتها الشرائية.
وسيساهم البرنامج، الذي سيتطلب تنزيله تعبئة ميزانية سنوية تنتقل من 25 مليار درهم سنة 2024 إلى 29 مليار سنة 2026، بصفة خاصة، في تنزيل "دخل الكرامة لكبار السن"، و"التعويضات العائلية لجميع الأسر"، وكذا "دعم مدى الحياة للأشخاص في وضعية إعاقة.
ولتحديد الأسر المؤهلة للاستفادة من هذا البرنامج، سيتم الاعتماد على السجل الاجتماعي الموحد؛ وهو آلية للاستهداف تمكن من تقييم مستوى معيشة الأسر عوض الاعتماد على الدخل الأسري. ويبقى تقديم الدعم الشهري مرتبطا، بشكل أساسي، بالتسجيل في السجل الاجتماعي الموحد، الذي يمكن من تحديد الأسر الفقيرة والهشة بشكل فعال في جميع أنحاء المملكة، سواء على مستوى المناطق الحضرية أو القروية أو الجبلية.